تعرف المواجهات بين ليفربول وتشيلسي، في الدوري الانجليزي، بالإثارة والحماس، مثل غيرها من المبارات التقليدية، بين الفرق الكبرى. ولكنها اختلفت هذه المرة ، عندما أطلق الحكم، مايكل أوليفر، صافرة النهاية، خيم صمت تام تقريبا على ملعب أنفيلد، وهو ما يعكس أن المباراة لم تكن بالمتعة التي قد توحي بها نتيجة صفر مقابل صفر ، فقد أصيبت جماهير أنفيلد بخيبة كبيرة، وهي تشاهد عملاقين من الدوري الانجليزي، يمران بفترة فراغ، وهما يقدمان أداء دون المستوى المتوقع منهما.

ويمكن للطرفين أن يجدا ظروفا مخففة لهذا الأداء المخيب، فمن جهة، فريق ليفربول يعاني من إصابات عديدة بين صفوفه، أما الفريق الزائر فقد استقبل عددا كبيرا من اللاعبين الجدد، ولا يزال يبحث عن الانسجام المطلوب في التشكيلة الأساسية ، ولكن الفريقين يضمان عددا كافيا من اللاعبين المتميزين، يجعلهما قادرين على تقديم أداء أفضل من الرداءة، التي تميزت بها المباراة، في تسعين دقيقة من اللعب ، ويعكس مركز الفريقين حاليا في ترتيب الدوري الانجليزي مدى تراجع مستواهما، بعد سنوات من التنافس على أكبر الألقاب في كرة القدم العالمية.

بعد صافرة النهاية احتل ليفربول المركز الثامن، وجاء تشيلسي بعده بمركزين، بتسع نقاط دون المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لمنافسة دوري أبطال أوروبا، بعد مباراة لم تشهد إلا 5 تسديدات باتجاه المرمى ، ولم تكن تلك هي الطريقة المثلى لاحتفال يورغن كلوب بمباراته الألف في مجال التدريب ، وكان الشعور العام بعد المباراة أنه لو أنهى ليفربول وتشيلسي الموسم ضمن كوكبة دوري أبطال أوروبا، فإن كلا من كلوب وغراهام بوتر سيكون في قمة السعادة.

ولابد أن كلا من كلوب وبوتر سيحاول البحث عن بعض النقاط الإيجابية في أداء فريقه، في مباراة باهتة، وربما ينتظر فريق تشيلسي شيئا إيجابيا من الوافدين الجدد إلى صفوفه ، وكان ميكايلو مودريك محط أنظار تشيلسي وأرسنال بمجرد أن أعلن شاختار دونتسك استعداده للتخلي عن لاعبه البالغ من العمر 22 عاما ، وكان المسؤولون في أرسنال يأملون في ضم اللاعب، قبل أن يخطفه تشيلسي منهم. والذين شاهدوا أداءه خلال 35 دقيقة التي لعبها، يعرفون لماذا كان التنافس على التعاقد معه شديدا.

فقد أدخل مودريك الرعب في قلب لاعب ليفربول المخضرم جيمس ميلنر، عندما لعب على غير العادة، في مركز ظهير أيمن، أمام سرعة وقوة الوافد الجديد في صفوف تشيلسي، بقيمة 89 مليون جنيه استرليني ، واضطر ميلنر إلى تلقي بطاقة صفراء، بسبب استعمال يديه لإيقاف مودريك وهو يتفوق عليه في السرعة. ولا عجب أن كلوب استبدله بالمدافع ترنت ألكسندر أرنولد ، وقد انتهت إحدى تسديداته في الشبكة الجانبية، وتمكن من التوغل في دفاع ليفربول أكثر من مرة، بفضل سرعته ومراوغاته، ولكنه لم يحقق الهدف المنشود، ومع ذلك فإن الإمكانيات التي أظهرها تبعث على التفاؤل.


وأبدى الوافد الآخر في صفوف تشيلسي، بونوا بادياسيل، صلابة في الدفاع، وإن كان هو الذي ضيع أحسن فرصة لفريقه عندما سمح لحارس ليفربول أليسون بإنقاذ مرماه من رأسية سهلة ، وقد يفتخر كلوب بالحفاظ على شباكه نظيفة في غياب صخرة الدفاع، فرجيل فان دايك. ولكن مستوى ليفربول بعيد جدا عن ذلك الذي تنافس به الموسم الماضي على أربعة ألقاب، وفاز بكأس الرابطة، وانتصر على تشيلسي بركلات الترجيح، بعد تعادل دون أهداف.

ويمكن تفهم الموقف إلى حد ما باعتبار أن ليفربول يلعب دون مدافعه فان دايك، والمصابين الثلاثة لويس دياز، ودييغو جوتا، وروبرتو فيرمينو. ولكن هذا وحده لا يبرر غياب الحيوية المعهودة في الفريق.
وأضاف كلوب إلى كتيبته، كودي غاكبو، بمبلغ 45 مليون جنيه استرليني. وهو يمر حاليا بمرحلة التأقلم مع الدوري الانجليزي. فقد وجد صعوبة في فرض نفسه، مكتفيا بتسديدة واحدة، تصدى لها حارس تشيلسي في الشوط الثاني. وسيعمل كلوب على إقحامه تدريجيا كما فعل مع داروين نونيز.

لكن الواقع هو أن ليفربول وتشيلسي يمران فعلا بمرحلة صعبة.
فقد عجز ليفربول عن تحقيق أي فوز في آخر ثلاث مباريات في الدوري الانجليزي، وهذا لم يحدث للفريق منذ 2021 ، ولم يحقق تشيلسي فوزا خارج ملعبه في آخر ست مباريات في الدوري الانجليزي، وهو أسوأ أداء له منذ سبتمبر أيلول 2015 ، ولهذا السبب لم يتفاعل جمهور أنفيلد مع صافرة النهاية في تلك المباراة. فقد رأى أنها مباراة فريقين في وسط الترتيب وعليه، لابد أن تكون بهذا المستوى.

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي، إن نيوكاسل هو واحد من 6 فرق تشكل تهديداً على سعي فريقه للفوز بلقب بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز للموسم الثالث على التوالي ، ويحتل سيتي موقعاً جيداً في طريقه ليصبح خامس ناد إنجليزي يحقق هذا الإنجاز - بعد أرسنال وهادرسفيلد ومانشستر يونايتد وليفربول.


وقال مدرب سيتي إنه لا يزال يرى المنافسين على اللقب في كل مكان - من بينهم ليفربول المتأخر عن فريقه بفارق 13 نقطة، ونيوكاسل أيضاً ، ويحتل نيوكاسل المركز الرابع في الترتيب، وذلك بعد مرور ما يزيد عن عام بقليل، منذ الاستحواذ السعودي على النادي ، ومع ذلك، تجاوز الفريق التوقعات تحت إشراف إيدي هاو، واستفاد من عدم تشتيت انتباه لاعبيه في المسابقات الأوروبية ، وقال غوارديولا: "لدى نيوكاسل فريق جيد ولاعبون من الدرجة الأولى". وأضاف "أتخيّل أنهم سيبقون هناك لوقت طويل".


وتابع المدرب السابق لفريقي برشلونة وبايرن ميونخ قائلاً "لديهم البنية الجسدية في الوسط، والانتقال من مربع إلى آخر، والضغط الذي يشكلونه دون الكرة ملفت" ، وقال غوارديولا "إنهم لا يلعبون في (بطولات) أوروبا، وهذه ميزة كبيرة لأنه ستكون لديك طاقة حين تصل إلى الأشهر الأخيرة".

وأشار غوارديولا إلى أن أرسنال هو "المرشح الأول" للفوز باللقب. ثم تشيلسي وتوتنهام ومانشستر يونايتد، ونيوكاسل وليفربول كمنافسين إضافيين ، ورغم الهزيمة القاسية في ملعب الاتحاد أمام مانشستر سيتي الشهر الماضي، يشعر غوارديولا أن مانشستر يونايتد "تقدم خطوة إلى الأمام"، وكذلك الأمر بالنسبة لتوتنهام الذي أمامه مباراة قادمة أمام سيتي.

ولم يستبعد بيب ليفربول من المنافسة على المسابقة، رغم أن نظيره يورغن كلوب قد فعل ذلك.
وقال غوارديولا: "لديهم (ليفربول) ذات المدرب والفريق الذي فاز 18 مباراة على التوالي. لماذا لا يستطيعون فعلها مرة أخرى؟".
وأضاف قائلاً: "هذا هو شعوري، لا أحد يعلم ما الذي سيحدث بعد كأس العالم، سيفتح باب الانتقالات من جديد، وسيعود لاعبون".